يروي همزة الهنداوي في هذا التقرير مداولات حسّاسة تكشف كيف تتحرك القاهرة بحذر بين تعقيدات الخطة الأميركية لما بعد الحرب في غزة، وسط مخاوف من انزلاق “قوّة الاستقرار” إلى شكل جديد من الاحتلال.
مصر تخشى من تحوّل قوة استقرار غزة إلى أداة احتلال
يسعى صانعو القرار في القاهرة إلى انتزاع ضمانات واضحة بأن القوة الدولية المقترحة لإدارة مرحلة ما بعد الحرب في غزة لن تتحوّل إلى قوة احتلال تُدار عن بُعد عبر الولايات المتحدة وإسرائيل، وفق ما كشفه الهنداوي. تبرز هذه المخاوف داخل مداولات الوسطاء الأربعة في ملف غزة، وسط نقاشات حول مشروع قرار وزّعته واشنطن على أعضاء مجلس الأمن لإنشاء هذه القوة داخل القطاع المنهك بالحرب.
تشير ذا ناشيونال إلى أنّ واشنطن ومصر وقطر وتركيا قادوا جهود الوساطة لوقف إطلاق النار الذي دخل حيّز التنفيذ في 10 أكتوبر، فأوقف حرب إسرائيل الممتدة لعامين ضدّ حماس، وفتح الباب أمام صفقة تبادل أسرى مقابل محتجزين. شكّل هذا الاتفاق المرحلة الأولى من خطة السلام التي طرحها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بينما تُركت المرحلة الثانية لبحث تشكيل “قوة استقرار غزة” ونشرها، مؤلفة أساساً من قوات عربية وإسلامية، مع توقّع دور محوري لمصر بحكم حدودها المشتركة مع غزة وإسرائيل.
مخاوف القاهرة من التفويض وحدود القوة
يريد المسؤولون المصريون صياغة واضحة تلزم القوة الدولية بالانسحاب عند انتهاء تفويضها، وتمنع تحوّلها إلى سلطة أمر واقع تتحكم بالقطاع وتنفصل عن الإطار السياسي الفلسطيني. تطالب القاهرة أيضاً بضمانات تمنع فصل غزة عن الضفة الغربية عندما يتولى تكنوقراط فلسطينيون غير حزبيين إدارة الشؤون اليومية للقطاع، إذ ترى مصر أن الرابط بين المنطقتين أساسٌ لقيام الدولة الفلسطينية المنشودة، بعاصمتها القدس الشرقية.
تحذّر مصادر مطّلعة من أن القاهرة تخشى أيضاً أن تُحرم القوة الدولية من العمل خلف “الخط الأصفر” الذي انسحبت إليه القوات الإسرائيلية وفق ترتيبات وقف النار، ما قد يؤسس لتقسيم دائم للقطاع ويُبقي إسرائيل مسيطرة على أكثر من نصفه.
عراقيل سياسية وميدانية
تعكس هواجس مصر حجم التعقيد الذي يواجهه مخطط ترامب للسلام، والذي ظلّ عالقاً في المرحلة الأولى لأكثر من شهر بسبب عدم تسليم حماس جثامين كل المحتجزين الذين قضوا داخل غزة. يتفاقم التعثر بسبب الغموض حول كيفية التعامل مع نحو مئتي مقاتل من حماس ما زالوا محاصرين داخل أنفاق تحت مناطق تسيطر عليها إسرائيل في غزة، دون أي اتصال بقيادتهم منذ شهور. يرفض هؤلاء الاستسلام، ويُعتقد أنهم نفذوا هجمات قاتلة ضد القوات الإسرائيلية أدت إلى غارات انتقامية أودت بحياة عشرات المدنيين الفلسطينيين.
داخل المفاوضات، تؤكد المصادر أن مصر لا تقبل بفكرة نزع سلاح حماس بالقوة، وتفضّل أن تتولى بنفسها جمع السلاح الثقيل من الحركة وتفكيكه وتخزينه، باعتبار ذلك مقاربة أقل تفجيراً للمشهد وأكثر انسجاماً مع أمن حدودها.
تفاصيل التفويض الأميركي ودور إسرائيل
يوضح مشروع القرار الذي اطّلعت عليه ذا ناشيونال من نيويورك أن القوة المقترحة ستعمل بالتنسيق مع إسرائيل ومصر، دون المساس بالاتفاقات القائمة، ومع جهاز شرطة فلسطيني جديد يجري تدريبه والتدقيق في عناصره. يغطي تفويض القوة “تثبيت البيئة الأمنية في غزة عبر ضمان عملية نزع السلاح، ومنع إعادة بناء البنية العسكرية والهجومية لأي تشكيلات مسلّحة غير حكومية”.
لا تخفي القاهرة انزعاجها من هذا البند تحديداً، إذ ترى أنه يمنح القوة الدولية صلاحيات واسعة قد تتجاوز الدور الأمني المؤقت إلى إدارة مستدامة لا تخضع للمحاسبة الفلسطينية. يزيد التوتر تدهور العلاقات بين مصر وإسرائيل منذ اندلاع الحرب، بعدما اتهمت القاهرة تل أبيب بارتكاب إبادة جماعية وتجويع سكان غزة.
يمثّل نزع سلاح حماس وإعادة إعمار القطاع جوهر المرحلة الثانية من خطة ترامب، في وقت تتعرض غزة لدمار شبه شامل بعد حملة عسكرية إسرائيلية مكثفة بدأت عقب هجوم الحركة على جنوب إسرائيل في أكتوبر 2023.
https://www.thenationalnews.com/news/mena/2025/11/10/egypt-fears-gaza-stabilisation-force-could-turn-into-tool-of-occupation/

